وقمع

ماسك يقاضي آبل وأوبن إيه آي بتهمة الاحتكار وقمع “غروك”

مقدمة

في خطوة جديدة أثارت ضجة عالمية في أوساط التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أعلن الملياردير إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة X (تويتر سابقًا) وصاحب شركات تسلا وسبيس إكس، عن رفع دعوى قضائية ضد شركتي آبل وأوبن إيه آي.

يأتي ذلك بعد اتهامه الشركتين بممارسة الاحتكار في سوق الذكاء الاصطناعي ومحاولة “قمع” انتشار روبوت المحادثة غروك (Grok) الذي تطوره شركته.

القضية تعكس صراعًا متصاعدًا بين عمالقة التكنولوجيا حول التحكم في مستقبل الذكاء الاصطناعي، وتثير أسئلة عميقة عن المنافسة، حرية الابتكار، ودور الشركات الكبرى في رسم ملامح هذا القطاع الثوري.

 تفاصيل الدعوى القضائية

بحسب بيان قانوني صدر عن فريق ماسك:

يتهم الدعوى شركتي آبل وأوبن إيه آي بالتنسيق غير المباشر لفرض قيود تعجيزية أمام أي منافسين محتملين في سوق روبوتات الذكاء الاصطناعي التفاعلية.

ماسك يرى أن دمج آبل لخدمات ChatGPT في أنظمتها (iOS وmacOS) بموجب شراكة مع أوبن إيه آي يمثل “مخاطرة واضحة بمستقبل المنافسة العادلة”.

وفقًا للمستندات، يعتبر ماسك أن هذه الخطوة تعني إغلاق السوق أمام اللاعبين الجدد مثل روبوته “غروك”، الذي يتم تطويره تحت مظلة شركة xAI.

القضية تطالب المحاكم الأمريكية بـ:

إلزام آبل بالتوقف عن جعل ChatGPT الخيار الافتراضي في أجهزتها.

فرض قيود تنظيمية تمنع اندماج عمالقة التقنية في كيان احتكاري واحد.

تعويض مالي تقديري يقدَّر بمليارات الدولارات عن الأضرار المحتملة لمشروع “غروك”.

 خلفية النزاع بين ماسك وأوبن إيه آي

ماسك كان من المؤسسين الأوائل لشركة أوبن إيه آي عام 2015، لكنه انسحب بعد خلافات إدارية وتمويلية.

لاحقًا، اتهم الشركة بأنها ابتعدت عن رسالتها الأصلية كمنظمة غير ربحية تهدف لخدمة البشرية، وتحولت إلى كيان تجاري يسعى وراء الأرباح تحت إدارة سام ألتمان.

ماسك انتقد بشدة الشراكة العميقة بين أوبن إيه آي ومايكروسوفت، معتبرًا أن ذلك يضر بمبدأ الشفافية والانفتاح العلمي.

وبإطلاقه مشروع “غروك”، أراد ماسك تقديم بديل مفتوح المصدر و”أكثر حرية” في مجال الذكاء الاصطناعي. لكن الشراكات القوية التي تبنيها أوبن إيه آي مع شركات مثل آبل، جعلته يشعر أن مشروعه مهدد قبل أن يبدأ.

 لماذا يدخل آبل على خط الأزمة؟

أعلنت آبل خلال مؤتمرها الأخير عن دمج تقنيات ChatGPT في المساعد الصوتي سيري، مما يجعل ملايين المستخدمين حول العالم مرتبطين مباشرة بخدمات أوبن إيه آي.

ماسك وصف هذا التحالف بأنه “أكبر صفقة احتكار في تاريخ الذكاء الاصطناعي”، معتبرًا أن آبل لا تطور تقنيتها الخاصة وإنما “تسلم مستقبل مستخدميها إلى أوبن إيه آي”.

من جانبه، يرى محللون أن آبل تسعى لتعويض تأخرها في سباق الذكاء الاصطناعي من خلال هذه الشراكات الاستراتيجية بدلًا من بناء تقنياتها من الصفر.

 ردود الأفعال العالمية

المحللون التقنيون: اعتبر بعضهم أن ماسك لديه وجهة نظر منطقية، خاصة أن دمج تقنيات شركة واحدة في أجهزة مليارات البشر قد يهدد تنوع السوق.

المستثمرون: شهدت أسهم آبل بعض التذبذب بعد إعلان الدعوى، بينما ارتفعت شعبية xAI على المنصات الإعلامية.

المستخدمون: انقسمت الآراء بين من يرى أن ماسك “مدافع عن حرية الابتكار”، وآخرين يعتبرونه “يحارب فقط لأنه خسر السباق أمام أوبن إيه آي”.

الأبعاد الاقتصادية والسياسية

اقتصاديًا: قطاع الذكاء الاصطناعي يُقدّر بتريليونات الدولارات خلال العقد القادم. أي سيطرة على أنظمة التشغيل الكبرى مثل iOS تمنح أفضلية ضخمة لأوبن إيه آي.

سياسيًا: القضية قد تجذب اهتمام المنظمين الأمريكيين والأوروبيين الذين يراقبون عن كثب أي سلوك احتكاري من الشركات التكنولوجية الكبرى.

بعض المراقبين يتوقعون أن الدعوى قد تفتح الباب أمام تشريعات جديدة تحد من التعاون المفرط بين عمالقة التقنية.

 موقف آبل وأوبن إيه آي

آبل لم تعلق رسميًا حتى الآن على القضية، لكن مصادر مقربة تقول إنها ترى التعاون مع أوبن إيه آي مجرد شراكة تقنية لخدمة المستخدمين”.

أوبن إيه آي من جانبها وصفت تصريحات ماسك بأنها “ادعاءات لا أساس لها”، مؤكدة أن روبوتها ChatGPT أصبح معيارًا عالميًا بسبب كفاءته العالية وليس بسبب احتكار السوق.

التوقعات المستقبلية

إذا كسب ماسك القضية: قد يتم فرض قيود على آبل وأوبن إيه آي، مما يفتح المجال أمام روبوت “غروك” للحصول على حصة في السوق.

إذا خسر ماسك القضية: قد يُنظر إليه كمجرد رجل أعمال غاضب من نجاح منافسيه، مما قد يضعف موقفه في سباق الذكاء الاصطناعي.

في جميع الأحوال: الدعوى تسلط الضوء على خطورة تركز القوة التقنية في أيدي عدد قليل من الشركات، وهو موضوع سيظل حاضرًا في النقاش العالمي حول مستقبل التكنولوجيا.

 الخاتمة

دعوى إيلون ماسك ضد آبل وأوبن إيه آي ليست مجرد نزاع قانوني، بل هي معركة رمزية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، بين من يراه مجالًا مفتوحًا للجميع ومن يسعى للسيطرة عليه عبر تحالفات كبرى.

سواء نجح ماسك في كسب القضية أم لا، فإن الحدث يعكس حجم التوتر المتصاعد بين عمالقة التقنية، ويؤكد أن السنوات المقبلة ستشهد المزيد من المواجهات القانونية والاقتصادية حول من يملك مفاتيح الذكاء الاصطناعي.

Leave A Comment

All fields marked with an asterisk (*) are required

×